نعيم قاسم
أطلق الشيخ نعيم قاسم الأمين العام حزب الله ،تصريحات مثيرة اليوم، حملت في طياتها رسائل عدة تتعلق بعودة الحزب إلى قوته بعد سلسلة من الضربات التي تعرض لها، بالإضافة إلى التوجهات السياسية للحزب في الانتخابات الرئاسية اللبنانية المرتقبة.
حزب الله بين الضربات والعودة إلى الساحة
في كلمته خلال المؤتمر الدولي لتكريم العلامة محمد تقي مصباح يزدي في طهران، أشار نعيم قاسم إلى أن "المقاومة مستمرة واستعادت عافيتها ولديها من الإيمان والثلة المؤمنة ما يمكنها أن تصبح أقوى". هذه التصريحات تأتي في ظل تعرض الحزب لعدة ضربات مؤلمة خلال الأشهر الماضية، أبرزها:
1. اغتيال حسن نصر الله:
كانت عملية اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله، واحدة من أقوى الضربات التي هزت الحزب. ورغم التكتم على التفاصيل الدقيقة، إلا أن الحدث أثر بشكل كبير على القيادة المركزية للحزب.
2. تفجير "البيجر":
استهدف هذا التفجير مركز قيادة استراتيجي في الضاحية الجنوبية، ما أدى إلى خسائر فادحة في البنية التحتية للحزب، بالإضافة إلى مقتل عدد من القيادات العسكرية البارزة.
3. اغتيال هاشم صفي الدين وقيادات الصف الأول:
فقد الحزب العديد من قيادات الصف الأول، مما ترك فراغًا في هيكله القيادي. ومع ذلك، يبدو أن الحزب استطاع إعادة ترتيب صفوفه واستعادة جزء من قوته.
القوة العددية والعسكرية لحزب الله
رغم الضربات المتتالية، تشير التقارير إلى أن حزب الله لا يزال يحتفظ بقوة عددية وعسكرية كبيرة. يُقدّر عدد مقاتلي الحزب بعشرات الآلاف، مع منظومة صاروخية متطورة تشمل صواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك الحزب خبرات واسعة اكتسبها من مشاركته في النزاعات الإقليمية، لا سيما في سوريا واليمن.
نعيم قاسم أكد أن "المقاومة لم تمكن العدو من التقدم"، مشيرًا إلى التصدي المستمر للتوغلات الإسرائيلية في جنوب لبنان والبقاع. ورغم التلويح الإسرائيلي بإنشاء منطقة عازلة في الجنوب، فإن الحزب يواصل تحدي هذه المحاولات.
حزب الله والسياسة اللبنانية: موقف من الانتخابات الرئاسية
من الناحية السياسية، أشار قاسم إلى استعداد الحزب للتعاون مع القوى السياسية اللبنانية لانتخاب رئيس جديد خلال الأسبوع المقبل. هذه التصريحات تفتح الباب أمام سيناريوهات عدة:
1. تحالفات مع القوى السياسية التقليدية:
يبدو أن حزب الله يسعى للحفاظ على نفوذه السياسي من خلال العمل مع حلفائه التقليديين، مثل حركة أمل والتيار الوطني الحر، لضمان اختيار رئيس يراعي مصالحه.
2. دعم شخصية توافقية:
قد يلجأ الحزب إلى دعم شخصية توافقية تجنبًا للتصعيد السياسي، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية والإقليمية لتقليص نفوذه في لبنان.
3. التأثير على المشهد الإقليمي:
انتخاب رئيس جديد للبنان قد يكون جزءًا من ترتيبات إقليمية أكبر تشمل دور إيران وحلفائها في المنطقة.
رسائل ضمنية في تصريحات قاسم
تصريحات قاسم حملت رسائل ضمنية متعددة:
لإسرائيل: أن حزب الله، رغم الضربات، لا يزال قوياً وقادراً على التصدي لأي اعتداء.
للداخل اللبناني: أن الحزب يسعى لتأكيد دوره كقوة سياسية فاعلة وليس مجرد قوة عسكرية.
للإقليم والدول الكبرى: أن حزب الله مستعد للعودة إلى الساحة بقوة، سواء في السياسة أو المقاومة، وأنه لا يزال لاعباً رئيسياً في معادلات المنطقة.
ماذا بعد؟
تصريحات نعيم قاسم تكشف عن توجهات حزب الله في المرحلة المقبلة، سواء على المستوى العسكري أو السياسي. الحزب يسعى لتثبيت قوته وإعادة ترميم صفوفه بعد الخسائر الكبيرة التي تعرض لها، وفي الوقت ذاته يحاول الحفاظ على نفوذه السياسي في لبنان عبر الانتخابات الرئاسية.
لكن يبقى السؤال: هل سيستطيع حزب الله الموازنة بين دوره العسكري والسياسي دون تعريض لبنان إلى مزيد من التوترات الداخلية والخارجية؟ الأيام القادمة ستكشف عن مدى قدرة الحزب على التعامل مع هذه التحديات.